تراث العرب مقدس لا يمكن مراجعته..!
ــ نعيم الهاشمي الخفاجي ..
نقد التراث هو عملية تصفية التراث سواء كان هذا التراث في مجالات الثقافة العامة والفن أو الموروث الديني، الغاية من النقد البناء يكون عملية تصحيح والعمل على حذف أفكار ربما أفكار دخيلة دخلت إلى التراث بسبب ظروف زمنية قاهرة وصراعات وأصبح الكثير يعتبر تلك الأفكار الغريبة من المسلمات، السيد سامي البدري شقيق الشيخ الشهيد عبد العزيز البدري السامرائي الذي أعدمه نظام البعث، كتب كتاب بعد انتقال السيد سامي البدري إلى مدرسة آل البيت ع اسمه نحن أبناء الدليل أينما مال نميل، وهذا الكلام على ترجيح رجاحة العقل المطابق للقرآن الكريم وأحاديث رسول الله ص وآل بيته الأطهار.
مع ظهور وسائط الاتصالات الحديثة مثل البث الفضائي وتطبيقات وسائل التواصل والصحف الإلكترونية فتح باب النقاش والحوار عند الكثير من المثقفين، والحوارات تدور مع حتى فئات متحجرة وهابية تكفيرية لاتعرف معنى الحوار وتقبل الرأي والرأي الاخر، بل عندما تحاور هؤلاء المتحجرين تجد لديهم جهل مركب، يتمسكون في أمور يرفضها الله عز وجل والرسول الكريم محمد ص وتتعارض مع أخلاق الرسول محمد ص في تقبل العيش المشترك والمساواة والعدالة، هؤلاء المتحجرين يفهمون الإسلام بطريقة القتل والسبي والذبح ويدافعون عن هذه الأفكار المنحرفة بطريقة مستميته اعتقادا منهم أنهم يمتلكون الحقيقة التي لا يأتيها اي شك من الخطأ، رغم أنهم في قعر التخلف والانحراف، عندما نتحاور مع ناس متخلفين، أو تقرأ فتوى تجيز للزوج أكل زوجته اذا جاع مثل فتوى الداعية الوهابي الحويني اكيد هذه التصرفات تنسب بالتخلف إلى العالم العربي الإسلامي، عندما يتم سبي النساء وبيعهن وتفريقهن عن أطفالهن اكيد هذا النموذج قبيح ينفر الأمم الأخرى من الإسلام والمسلمين.
التراث الديني هو منبع الإلهام من سيرة النبي محمد ص وال بيته الأئمة الأطهار، يتم الاستفادة من الأحاديث التي تشجع على نشر العلم والمعرفة والمساواة ومساعدة الفقير،يرى الكثير من الأنثروبولوجيين بأن التراث تراكم لِخبرة الإنسان في سياق ارتباطه مع محيطه ارتباط يضم حتى الإنسان الآخر سواء كان فرد أو جماعة، أي التراث كنِتاج لامتداد تاريخ الإنسان في تجارب ماضيه وعيشه في حاضره ونظرته للمستقبل.
العالم العربي والإسلامي في حاجة إلى قراءة التراث الديني والثقافي بصورة مختلفة عما يقدمه الفكر الوهابي المتخلف المالك للثروة والإعلام والمدعوم غربيا لنشر الكراهية والقتل لتشويه صورة العرب والمسلمين والتي هي للأسف مشوهة، تم تثقيف عامة الناس من قبل الفكر الوهابي بعدم قراءة الأحاديث النبوية المروية في صحاح السنة واعتبروا كل أحاديث البخاري صحيحة ولايمكن نقدها وإلا تعرض للقتل والاعدام، لذلك أصبح الحديث عن نقد أحاديث وفتاوى الكراهية لدى ابن تيمية وابن عبدالوهاب من المحرمات لا يلمسه أي شخص، بل اقتصر على من يقرأون تلك الأحاديث إلا فئة الشيوخ الوهابيين المتطرفين، الفكر الوهابي متعصب لاحاديث وتفسير فقهي لنصوص فسرها ابن تيمية في القرون الماضية، يحاول الإعلام البدوي إلقاء تهم الظلال التكفيري والفهم القاصر للإسلام كالعادة على ما يسمونهم في الإسلام الحركي على منظمة حركة الإخوان المسلمين المتوهبة، طبيعة الإنسان مع الاعتقاد في الأديان سواء كانت سماوية أو ديانات وضعية ربما دخل بها عامل إلهي مثل البوذية والهندوسية، عندما تقرأ كتب الهندوسية تجد لديهم قيم أخلاقية اكيد مصدرها من رسول محلي بعثه الله لنشر فضيلة الأخلاق والقيم والمساواة، الاختلاف في فهم الدين موجود في الدين والمذهب الواحد، في أوروبا أنشئت مدارس فكرية لنقد الموروث الثقافي مثل مدرسة فرانكفورت الألمانية.
المذاهب السنية أغلقت باب الاجتهاد واكتفت بالمذاهب الأربعة وفي كتب الحديث بالصحاح الستة، وانتهى كل شيء، وكل من يحاول نقد أو الدخول في نقاش حول وجود أحاديث تسيء للرسول محمد ص مثل حديث كان النبي ص يجامع زوجاته التسعه بليلة واحدة وبدون غسل، هذا الحديث يتنافى مع قيم رسول الله ص، أو حديث رضاعة الكبير وكيف عاىشة زوجة رسول الله ص أرضعت الكبير حتى يكون محرم، أحاديث موضوعة ومكذوبة على رسول الله ص وضعها خال المنافقين معاوية عندما وزع الأموال لكل شخص يأتي بحديث يضعه للصحابة مقابل كل حديث ومنقبة قالها رسول الله ص بحق الإمام علي بن أبي طالب ع.
عندما تستمع إلى خطب وأحاديث مشايخ الوهابية تراهم ينقلن لجمهورهم قصصاً وروايات حدثت قبل قرون، وكيف تم علاجها «من السلف»، ويدعو هؤلاء المشايخ أن يكون حل المشكلات التي ظهرت في العصر الحديث على شاكلة ذلك الحلول السابقة التي ابتكرها سلفهم الصالح، لذلك يسعي شيوخ الوهابية العمل على تحجير وتجميد عقول المجتمعات العربية والمسلمة، والعودة للعيش إلى حقبة العصور الجاهلية وربما العصر الجاهلي أكثر منهم تطورا بظل وجود الفلسفة بذلك المجتمع الجاهلي مثل فلسفة الغنوصة فقد كان أبو سفيان غنوصي، العجيب أن الفيالق الإعلامية الوهابية تلقي سبب التحجر والتخلف على سيد قطب والشعراوي ويخفون حقيقة أن التحجر يكمن في فتاوى ابن تيمية وابن عبدالوهاب الذين كانوا السبب الرئيسي في توهيب سيد قطي وابو زهرة والقرضاوي، سمعنا بوجود مشروع مضاد للتخلف والتحجر وفق مايسمونه رؤية محمد بن سلمان لعام ٢٠٣٠ لكن هذه الرؤية منصبة في إقامة الحفلات الغنائية ودعم مؤسسات لجان الترفيه لتسهيل الانحلال الاخلاقي، وكان ولازال يفترض الإصلاح يبدء من خلال تنقية التراث الديني من أفكار الكراهية والتكفير والقتل والسبي، واجب مشايخ الوهابية والذين يسموهم ب«الدعاة» واجبهم العمل على تخدير وتجميد عقول البشر من خلال الترويج للفكر الوهابي المدخلي الذي يبقى يمارس تكفير المسلمين وغيرهم لكن تحت ظل أوامر ولي الأمر يعني الملك وولي عهده، مرة قرأت اعلان في متجر عربي بدولة أوروبية في وجود مطهرة تعمل على ختان البنات.
انا لست رجل دين ولا شيخ، بل انا قارء كتب دينية وفلسفية وكتب إلى علماء اجتماع، لديٌ معرفة عامة أسوة بمعرفتي للماركسية والليبرالية لكن للحق والانصاف، الفكر الشيعي يمتاز في استمرار الاجتهاد يقول الأستاذ الدكتور الأردني الدكتور مروان خليفات يبلغ عدد أحاديث الأحكام لدى السنة الجمهور 500 حديث أو تزيد قليلا، وهي لدى الإمامية أكثر من ثلاثين ألف حديث كما في وسائل الشيعة، هذا دون حساب كتابي. مستدرك الوسائل وخاتمة المستدرك.
يقول الشيخ الطوسي رحمه أحد علماء الشيعة، وهو يرد على أكاذيب اتباع مدرسة ابن أبي سفيان حيث يقول الطوسي،( قال الشيخ الطوسي ( ت 460هـ) المبسوط ، ( فإني لا أزال أسمع معاشر مخالفينا من المتفقهة والمنتسبين إلى علم الفروع يستحقرون فقه أصحابنا الإمامية ، ويستنزرونه ، وينسبونهم إلى قلة الفروع وقلة المسائل ، ويقولون ، إنهم أهل حشو ومناقضة ، وإن من ينفي القياس والاجتهاد لا طريق له إلى كثرة المسائل ولا التفريع على الأصول لأن جل ذلك وجمهوره مأخوذ
من هذين الطريقين ، وهذا جهل منهم بمذاهبنا وقلة تأمل لأصولنا ، ولو نظروا في أخبارنا وفقهنا لعلموا أن جل ما ذكروه من المسائل موجود في أخبارنا ومنصوص عليه تلويحا عن أئمتنا الذين قولهم في الحجة يجري مجرى قول النبي صلى الله عليه وآله إما خصوصا أو عموما أو تصريحا أو تلويحا، وأما ما كثروا به كتبهم من مسائل الفروع، فلا فرع من ذلك إلا وله مدخل في أصولنا ومخرج على مذاهبنا لا على وجه القياس بل على طريقة يوجب علما يجب العمل عليها ويسوغ الوصول [ المصير خ ل ] إليها من البناء على الأصل ، وبراءة الذمة وغير ذلك مع أن أكثر الفروع لها مدخل فيما نص عليه أصحابنا ، وإنما كثر عددها عند الفقهاء لتركيبهم المسائل بعضها على بعض وتعليقها والتدقيق فيها).( المصدر نقلا من صفحة الأخ الدكتور مروان خليفات).
لذلك يحاول مشايخ الوهابية في اتباع أسلوب الانتقاء السلبي وليس الإيجابي من النصوص وتقديمها على أنها صالحة لحلول مشاكل المجتمع أو انتقاء نصوص مزورة ينسبوها للشيعة والشيعة لا يقولون بصحة كل أحاديثهم، الإمام جعفر الصادق ع قال، اذا جائكم الحديث عنا فأعرضوه على القرآن إن وافقه فخذوه وإن عارضه فاتركوه، لذلك يحاول الوهابية اجتزاء اقول وأحاديث لم يقل الشيعة بصحتها وتقديمها انها الدليل القاطع وهذا الاسلوب النتن هو سلب للعقول وتسويق مذهبي تكفيري ينشر الكراهية في المجتمعات وتصبح مجتمعات نائمة أشبه في نوم الدببة بفصل الشتاء، حيث ينام الدب ليل نهار مدة سبعة أشهر متواصلة وحتى فضلاته يتم تدويرها بطريقة عجيبة، هذا النوم لدى الدببة آثار ابحاث الباحثين في مجالات علم الحيوان، كذلك الجمهود الفكري الوهابي يثير استغراب كل قوى الخير والسلام من الباحثين وأصحاب نظرية التعايش السلمي والتعاون.
يتصوّر غالبية رجال الدين للمدرسة الوهابية وللأسف أنه بمجرد نقد بعض الانحرافات الفكرية العقائدية التي أصبحت بطريقة أو بأخرى جزءاً من منظومة الدين، يتصور أولئك أن البناء الديني سيهدم بأكمله فوق رؤوس الأشهاد، وهم يعلمون علم اليقين أن هذه الانحرافات باتت منابع للارهاب والكراهية، ووتنافى مع الإسلام الوسطي الصحيح، لذا يحاولون خداع الناس من خلال الكذب والتقرب لحاشية السلطان، الأمير السعودي طلال بن عبدالعزيز رحمه الله، مواقف طلال كانت قومية واتهم في عمل محاولة انقلاب وهرب إلى مصر، عبر قناة الجزيرة، الاخواني الطائفي احمد منصور حاول تغير الحوار ضد الشيعة، إلتفت إليه قال له اسمع يا أحمد انا سالت الشيخ ابن باز عن الفرق بين السنة والشيعة فكان جوابه لي أن السنة يتبعون الصحابة وأن الشيعة يتبعون الإمام علي ع وال بيت رسول الله ص، ابن باز لم يكذب على طلال بن عبدالعزيز ويكفر الشيعة لأنه يعلم علم اليقين أن الأمير طلال بن عبدالعزيز لديه معلومات صحيحة ولايمكن خداعه، شيوخ الوهابية يتبعون الحاكم ولو أن ملك السعودية أو ولي العهد يريدون الإصلاح الديني الحقيقي بكلمة واحده إلى مفتي السعودية يصدر المفتي أن الشيعة
والصوفية والمذاهب الأربعة مذاهب إسلامية عندها ينتهي الصراع والقتل، حلول تصحيح التراث لدى الوهابية بيد الملك وولي عهده، أما ترك الأمور في يد مشايخ الارهاب، فلم ولن يجدوا اي حلول لهذه القضايا، بل يعملون على مبدأ المماطلة والتسويف والخداع والاطالة الى أمد غير معلوم، خوفاً من فضيحة ظلال وانحراف فكرهم واكتشاف حقيقة إجرام سلفهم مثل معاوية الضال ومن لف لفه، شيوخ الوهابية بدون أوامر الملك وولي عهده لايقومون في تغيير الموروث وإرجاعه الى الجوهر الاصلي والحقيقي والمعتدل.
كاتب وصحفي عراقي مستقل