المرض السلطوي

المرض السلطوي
ــ الشيخ محمد الربيعي ..
[ وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِى قَوْمِهِۦ قَالَ يَٰقَوْمِ أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَ هَٰذِهِ ٱلْأَنْهَٰرُ تَجْرِى مِن تَحْتِىٓ ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ] ..
ان رجل السلطة قد يمرض و يصاب بالجنون اذا انصرفت عنه أضواء السلطة ، و المشكلة في مرحلة المرض السلطوي ، ان الحاكم المريض لا يشعر بالمرض ، كما لا يملك علاج له الا بزوال ملكه . ان صاحب المرض السلطوي يكون صاحب ازدواجية ، بمعنى ان السلطة تعلن مبادئ معينة تبدو براقة و مثالية و عادلة و في ذات الوقت تخفي أنانيتها و حرصها الشديد على مصالحها الذاتية ، و هو ما يعرف بالفجوة بين الايديولوجية و السيكولوجية ، فالسلطة تصدر للجماهير شيئا و تحتفظ لنفسها بشيء اخر ، و بمعنى اخر فإن السلطة رسميا مع الأيديولوجية المثالية المعلنة و نفسيا مع مصالحها الذاتية . ومن تلك الامراض التي قد يصاب بها صاحب السلطة :
اولا / اعتقاد صاحب السلطة انه هو الوطن ، و ان الوطن بدونه مهدد ، بل ان الوطن ولد يوم ولد هو ويموت ان ازال هو حكمه . فأكيدا من تولدة عنده هذه الفكرة المرضية سيكون تصرفه و قراراته قاتله و دموية للحفاظ على ولاية حكمه ، بل سيكون سفاحا لا رحمه حتى مع اقرب الناس له .
ثانيا / من امراض السلطة شعور الحاكم ان مطالبة بالاصلاح اهانة له ، و بما انه يشعر هو الوطن اذن اي نقد و اساءة له معناه اساءة الى الوطن . بل يصل به الحال ان اي متقدم لترشيح في الانتخابات من اجل الرئاسة يعتبر التقدم لاهانته باعتباره هو ناصر الوطن و هو الوطن لان المفروض عنده ان يحكم مدى الحياة . لان هناك يكون علاقة متلازمة بين وجود الحاكم بالحياة و بين و جوده بالسلطة ، و ان وجوده هو من القدر الإلهي و عليه ان يمتثل لذلك القدر ، و هنا ندخل بمصيبة كبرى و هو ان الحاكم يتمسك بالسلطة بدعوى انه يعز عليه ترك الشعب ، و انه هو الناجي لهم من كل الهلاك .
ثالثا / اصابة صاحب السلطة بمرض السلطة الفرعونية ، والتي يشعر فيها ان ملكية الوطن و الشعب له . وان له الاحقية المطلقة في التوجيه و التصرف و هذه السلطة تتصف بسلطة فرعون .
رابعا / من امراض السلطة شعور الحاكم بفردية السلطة له حصرا ، فله فقط حرية القرار و الحكم وبيده جميع الخيوط ، اما الاخرين ما هم الا كومبارس او سكرتارية او عبيد ، وهنا يعيش قمة التسلط و القمع و الشكوك بالآخرين .
محل الشاهد : النتيجة نقول يجب ان يشرع قانون في كل الدول مضمونه : ان كل من يرشح الى رئاسة الحكم في البلد ، من شروط قبوله هو اخضاعه الى الفحوصات النفسية التي تحدد هل هو في وضع يكون صحيح النفس و الذات و الفكر لقيادة البلاد ، وان يعاد هذا التقييم كل سنة وممكن ان يتكفل بادارة هذا الملف القضاء الاعلى او كما تسمى ،المحكمة الاتحادية بتوجيه المختصين من علماء النفس و التنمية البشرية وتطوير الذات.
نسال الله نصر الاسلام و اهله نسأل الله نصر العراق و شعبه .