كرامة نسائنا ، والحشد الشعبي
ــ سميرة الموسوي ..
من أهم مؤشرات التقدم والتفوق في أي بلد هي الوجود الكريم للنساء سواء كان في ( ما يجب أن يكون ) : الحقيقة . ،أو في (ما هو كائن ) : الواقع . … وفي الفكر الاصيل النبيل ، في القوانين والانظمة وفي نظام الدولة ،وفي البنية الاجتماعية منطلقا وسلوكا . وكل ذلك لن يحقق المبتغى إلا في بيئة آمنة تضع كرامة المرأة في أولويات الحماية والرعاية والذود عنها بالتضحيات تحت أي ظرف كان .
المرأة العراقية مرت بمراحل مختلفة المستويات من الاهمال والتعسف والظلم والاجتهادات الخاطئة في القوانين والانظمة وفي الكثير من العادات والتقاليد التي لم تعالج بخطط ستراتيجية وطنية جادة .
تزايد إهمال المرأة بعد الاحتلال الامريكي وذلك لضعف أو إنعدام إجراءات الامن والامان الوطني للمرأة والتي تحفظ لها وجودا كريما مطمئنا .
وعلى الرغم من فسحة الحرية السياسية التي إتيحت للمرأة من خلال ( الكوتة ) للوصول الى البرلمان ثم الى الاستيزار إلا أن الاحداث اللاحقة كشفت أن تلك الفسحة ليست سوى نافذة سياسية ضيقة لم تتوسع إجتماعيا وتترسخ في البنية الاجتماعة من حيث مفاهيم حقوق المرأة وأهميتها وفعاليتها في بناء الوطن عموما ، فاللواتي حصلن على مقاعد برلمانية ينتمين الى شريحة أسرية لها مواصفاتها الفكرية والاجتماعية والاقتصادية ،فيما بقيت الشرائح الاخرى أسيرة النظرة الظالمة للمرأة .
تجلى إهمال المرأة وتهديم أسرتها وضياع جهودها التربوية بكل وضوح في وقوع مذبحة سبايكر التي راح ضحيتها 2000 شاب وعلى أيدي جهلة ومتخلفين ومخدوعين وحاقدين وتافهين ومجرمين من العراقيين ، فالشباب الشهداء الذين راحوا على حين غفلة وإهمال وسوء تقدير من السلطة قد تركوا أسرهم في كارثة بالغة التأثير وبخاصة النساء : الام والاخت والزوجة والاطفال ثم ما نال المرأة من عسف بعد ذلك في مراجعات مؤسسات الدولة لإثبات حقوق شباب سبايكر المغدورين ، وعلى العموم فإن ما نال المرأة من صنوف القتل والتعذيب والتجريح والترمل والضياع والمتاجرة بها وغير ذلك حين هجمت قوى الظلام الداعشي على الشعب العراقي وسيطرتها على مقدرات بعض المحافظات قد الحق بالمرأة تحديدا من الظلامات ما يندى له الجبين .وكل ذلك حصل بوجود قوانين وأنظمة تمثل حماية المرأة وحقوقها رغم كونها تمثل الحد الادنى ،ولكن تلك القوانين لم تؤدي الى حمايتها من الاعتداء والاذلال والانتهاك .
كان المخطط أن يتمدد ( داعش ) الى بقية المحافظات ومنها الى دول الجوار ليؤسس دولة الخلافة الداعشية .
لكن صدور فتوى الجهاد الكفائي التي أرسلها السيد علي السيستاني والتي هب المؤمنون لتلبيتها من أجل التصدي لقوى الظلام الداعشي قد أوقفت المد وأبطلت غاياته وأجنداته الداخلية والخارجية ،وكان الحشد الشعبي الممثل لفئة المؤمنين والمتمخض عن صميم الفتوى السيستانية قد زحف لإبادة الدواعش وإنقاذ العراقيين من براثنهم وإستمر يقاتل بجسارة المجاهدين الذائدين عن الدين والانسانية حتى حرر المحافظات من سيطرتهم وما زال يجاهد جيوب الدواعش التي يواصل أعداء الانسانية صناعتها وإرسالها الى العراق لإستهداف ( الشيعة ) بالدرجة الاولى حسب عقيدتهم البالية .
وحين تأكدت المرأة من عمق إيمان الحشد الشعبي بكرامة الانسان حيثما كان نظرت اليه نظرة تقديس فسمته الحشد الشعبي المقدس وإطمأنت على أن حياتها ستكون مصانة وعيشها كريما ، وتزايد إطمئنانها لان عقيدتهم القتالية قائمة على الايمان بأن الحياة الكريمة هي واجب ومهمة المؤمنين وبلا تمييز ،وإن سعيهم نابع من ضمائر حية وشعور نبيل ذاتي قبل الشعور بضرورة تنفيذ الواجب الرسمي .
المرأة العراقية لن تطمئن على وجودها الكريم بلا وجود الحشد الشعبي وبكامل قدرته وإقتداره وإمكاناته القتالية النادرة
فالحشد الشعبي المنبثق من صميم المجتمع وبدوافع ذاتية هو الذي يؤمن لها الاحساس بالامان والاستقرار وإنها سوف لا تفقد عزيزا كما فقدت في سبايكر ، فما دامت عين الحشدي المقدس محدقة من خلال البندقية على أعداء الانسانية فانها عندئذ ستحصل على حقوقها ، وسيكون حقها بوجود الحشد الشعبي بكامل عدته وعتاده في مقدمة حقوقها ، ولا سيما أنها لا تنسى الآلاف من النساء اللواتي قتلن وأغتصبن في البوسنة والهرسك بين الاعوام 1992_1995 وبخاصة في مدينة سربرينتسا التي إنخدع فيها المقاتلون البوسنيون وإستجابوا لنداء قوات حفظ السلام الهولندية لنزع سلاحهم من أجل إحلال الامن ، وما إن تمت إستجابتهم حتى هجم عليهم الصرب وذبحوهم رجالا ونساء بعد إغتصابهن .
النساء لا تغيب عنهن نكبة سبايكر ، ولا يغيب عنهن زحف الدواعش وهم يسحبون النساء السبايا عرايا بالحبال والسلاسل ، ولذلك فإن الحشد الشعبي هو الضمان لكي لا يعيد التاريخ نفسه .
من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا .