يقينًا كلُّهُ خير..
ــ كوثر العزاوي ..
إنها واللهِ حكمةٌ بالغة! وعزاءٌ لِمَن قسَت عليه الدنيا، لطالما تمثّلَت لنا هذه العبارة لتكون حاضرة في أذهاننا ونحن نهُمّ باليأس عند شعورنا بالخيبة والإحباط حينما يداهمنا في محطات متعددة من الحياة، وحينما نستوحِش من أهل الدنيا والصالحينَ الذين توسَّمنا بهم خيرا..حينما يأخذنا الخوف من الهزيمة والهروب من الواقع، فتطرُق حفيظَتنا معزوفة التسديد والدفع للأمام: { يقينًا كلُّهُ خير} لتوقظ عندنا معاني الإيمان واليقين والتسليم في حتمية مايصيبنا بأنه الخير بل كل الخير والصلاح لامحال! فننهضُ من جديد نُلَملِمُ بعض جراحاتنا لنواصلَ المسير، فتتلاشى فوضى جوانحنا وتحُلّ مكانها الطمأنينة فتغمرها بالقوة والحياة، حتى كأنها تٌقرُّ شاهدةً، إنّ مايصيبَنا من بلاءٍ وحرمان، إنما هو قُربانٌ لخياراتِ الله الرؤوف التي لاتتعدى مصلحة العبد، ومن هنا ندركُ أنّ لتلك الكلمة التي أرَّخَها ذلك العبد الصالح -الشهيد سليماني- إنّما هي السِحرٌ الذي ارتقى بها في الخطوب والهزائز حتى وصلَ إلى مراتعِ العشق! ومن هنا، إذا شئنا استعمالها -يقينًا كله خير- ماعلينا إلّا أن نقولَها ولايكون في صدورنا مثقالُ شكٍ أو ذرةُ إرتيابٍ لِما خبّأ الله “عزوجل” من خيرٍ في سرّ غَيبهِ، عندما حال بيننا وبين مانرغب ونريد! عندئذ تتجلى روعة الهمّة والعزة التي حمَلَتها روح الشهيد سليماني، ليوَرِّثها إرثًا معنويًا لايُقدَّر بثمن، وليس لِمَن اكتَنفَتهُم ظلمةَ المادة والشهوةِ نصيبٌ من ذلك الإرث، فطوبى لمَن تجرّدَ وتفرّدَ فحملَ همّ الأمة وشَرَى الدنيا الفانيةَ بالآخرة الباقية، فجادَ بالنفس ولذائذها لتجودَ عليهِ الشعوب بالحبّ والولاء، للحدّ الذي حَدا بالكثير من الناس بالاعتراف، بأن عبارة “يقينًا كله خير” أضحَت سلاحًا نحاربُ به أيامَنا الثّقال لتَلافِي الوقوع في فخّ حبائل القنوط والهزيمة! فطوبى أيها الشهيد وقد زرعتَ فينا شوق الرحيل إلى عالَم {أحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرزَقُون}.رحلتَ حيث النور وإرثكَ الثمين بين أيدينا يمدّنا بالقوة! فسلامٌ عليكَ وعلى الأحياء من الشهداء، ومَن بِهم نلوذُ هربًا من عالَمِ الأموات، سلامٌ عليكم بما صبرتم وبما بَذلْتم وبما جُدتم مخلصينَ وبما تركتم فرحين “فَنِعمَ عُقبَى الدَّار”.