في مغاسل المسجد ! ..
مازن البعيجي ..
كان المكان جميلاً ونظيفاً وفيه أماكن كثيرة لتجديد الوضوء يقرب من عشرين مكان! وانا كنت انتظر دوري ، ولكن خلال النظر لهم وجدت رجل شيبة اربعيني العمر جميل المحيا وجهه طافح بالهدوء يتوضأ بشكل رائع ويدقق ويهمهم خلال الوضوء وقد جهز قبل ذلك حاله للوضوء ، من قبل نزع الجواريب ورفع إكمال الثوب للمناطق التي تغسل وكذلك رأسه هيئة للمسح عليه كان حذر كثيراً على غير عادة من يتوضؤون في تلك اللحظة!
ولكن الاجمل من كل ذلك ما شاهدته منه وهو يفتح حنفية الماء او صمام الماء فقط على قدر حاجة الوضوء بحيث يأخذ بيده قطرات ويغلق الماء وكرر العملية كثيرا حتى انتهى من الوضوء! بوقتها لم يصرف تقريبا مقدار قدح ماء او اكثر بقليل!!! والبقية تركوا الماء يجري خلال عملية الوضوء التي طالت كثيراً للبعض الورع في الوضوء!!! وقد يكون صرف الماء كان حتى اكثر من ثلاثون لتر ماء فكان تدفق الماء جدا سريع! تعجبت ودهشت فقررت التكلم معه ، قلت تقبل الله يا حاج رد بجميل الكلام والوجه الباسم منا ومنا يا حبيبي ، قلت شاهدت وضوءك الرائع وكيف لم تسرف إلا قليلا من الماء تبسم وقال هذا الواجب الشرعي والاخلاقي والعرفي والمنطقي واخذ يعدد ، قلت لماذا يا حاج اليس الوضوء هو مقدس وهذه لحظة يصرف ما يصرف فيها من الماء ولا مشكلة!!!
قال تعال معي بني الى خارج هذا المكان وسوف اشرح لك . اعلم بني أن الوضوء هو مقدمة الصلاة ، الصلاة التي هي كل ذخر المؤمن والمسلم ، أن قُبلت قبل ما سواها وأن ردت رد ما سواها صح قلت والله صح ، فقال والصلاة لها اثار عظيمة على الإنسان وإذا لا اثر لها لا تسمى صلاة وتسمى عادة او شيء اجوف يمارسه الإنسان! قلت صح فقال إذا من له بصيرة الدين الحقيقي سيعرف أن هناك امور كثيرة عليه الالتفاف لها ومنها أن مؤسسة الماء في أي دولة هي مؤسسة عامة تخدم الكثير من أبناء الدولة وهذا الماء الذي تتوضأ به ليس ملك لك!!! بل هو ملك شائع لأفراد الشعب والاسراف منه هو أكل للحقوق ، فضلا عن حرمته التي تتسبب بهدر جهود مصلحة الماء التي تصرف من اموال الدولة حتى يصل لك نظيفا نقي بعد عمليات تكرير ونقل واضافة كلور وووو حتى تفتح الحنفية لينزل لك ماء صافي نظيف!!!
فهل يعقل من مؤمن مسلم عملية هدر لحقوق الغير ولأموال الغير بهذا الشكل الذي لو حسبتها بدقة من كل مصلي غير حذر وغير ملتفت خذ عشرة لتر كم مصلي في اليوم وكم في الشهر وكم في العام الواحد تخيل ستجد بحر تسير فيه السفن مهدور بسبب عدم وعي المصلي!!! لاحظ نحن نتكلم على مصلي وليس تارك للصلاة!!!
صدمت من حسابات هذا الشيخ الدقيقة المحقة والمسؤولية التي يشعر بها ولا نشعر بها نحن الاغلب ممن يصلي ويدعي الوعي!
ثم قال بني أنا نفسيا لا اصلي خلف شخص ارصده يسرف بالماء في الوضوء لأنه وقتها اعتبره غير مسؤول ولا بصيرة له في مثل اهم امور الصلاة!
ثم قال بني أنا علمت عائلتي على نظام ممنوع ترك مكان في البيت يسرب ولو قطرة ماء واحدة إذا كان عاطل اصلحه بأي طريقة فقطرة كل ثانية لك أن تعرف كم ثانية في اليوم؟! وكذلك كم ثانية في العام؟!
وهذا نفسه في مجال الكهرباء فلا ادع مصباح أو مكان يعمل دون الحاجة له ، بل وقلت لأفراد عائلتي خاصة الصغار منهم أي مصباح لا ضرورة له عند اطفائه كأنك تشغل مصباح في بيوت الفقراء وهكذا ..
ولدي الدين معاملة ومسؤولية وحرص وتفكير وبصيرة ما فائدة مصلي قشري لا يعي مثل هذه المسائل المهمة في فقه الإسراف والتبذير دون وجع قلب!!!
شكرته من قلبي وكم اغبطه على وعيه والبصيرة وكم نحن بحاجة الى مثل جيله النبه والمدرك ..
البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..
مقال قادم نلتقي .. دمتم ..