العالم يحكمه (التافهون)!

العالم يحكمه (التافهون)!

Linkedin
Google plus
whatsapp
فبراير 15, 2025 | 10:37 ص

ــ محمود الهاشمي ..

اعتادت الشعوب ان تنظر الى القادة سواء ملوك او امراء او قادة سياسيين او عسكريين ورجال دين وحتى الوجهاء والشيوخ نظرة اعتبار واجلال ،الى درجة اننا حين نقرأ ونسمع القصص والروايات نجد ان اللقاء بهؤلاء ليس سهلا وان تمَّ فيرافقه الحرج والاحترام الكبير ،
وحفظ الحدث وكأنه من النوادر ،وغالبا ماتكون الحلول والحكمة على ايدي هؤلاء .
فمثلا نقرأ في بطون التاريخ ان امرأة دخلت على الخليفة وطلبت حاجة او شيخا دخل على ملك وسمع موعظة فيما الادباء والشعراء والكتاب اوقفوا اعمالهم على هؤلاء القادة وكأن الاداب والكتابات لاتصح ولاتليق الا بهم ،وحين
كانت الثورة الفرنسية ومااحدثته من تحول اجتماعي واصبح ابناء الفقراء وابناء الحرفيين قادة رفض الادباء الرومانسيون الكتابة عنهم واهتموا بالطبيعة .
هذا التعظيم للقادة قطع شوطا طويلا بالتاريخ
وكان سببا احيانا في نجاح الكثير من الاعمال الحضارية والانجازات المتميزة التي مازلنا نعتبرها عنوانا للتفرد والاعجاز مثل بناء القصور والسدود والاسوار بما في ذلك الجنائن المعلقة ،وقبور الفراعنة فقد كانت الناس تعمل ليل نهار من اجل رضا القادة .
حتى بعد الثورة الفرنسية بقي الجانب الاعتباري يلازم القادة سواء سياسيين او قادة عسكريين مثل نابليون بونبارت والسلاطين العثمانيين ،ومازالت دول كثيرة تحترم تاريخ ملوكها رغم فقدانهم الصلاحيات بادارة الدولة مثل بريطانيا .
التجربة الديمقراطية التي انتجتها العقول الانسانية جاءت بسبب طغيان الملوك والامراء واستبدادهم بالسلطة وتوريط شعوبهم بالحروب ليموتوا على بعد الاف الكيلو مترات عن اوطانهم لذا طالب المفكرون ومنهم الفيلسوف الاغريقي فلاطون باهمية ان يشارك الشعب بصناعة السلطة ،لكن فلاطون ندم لاحقا وهو يرى (الرعاع)كما اسماهم (هو) يهتفون لقتل استاذه (سقراط) باطلا ،واكد ان الديمقراطية تتحول مع تقادم الايام الى مشكلة لانها تدفع ب(الجهلة)الى دفة السلطة فيسيؤون لها ،فتضطر الشعوب ان تتقبل الاستبداد فيما بعد على ان لاتحكمهم الفئة الجاهلة !
يبدو ان العالم (الان)يشهد مرحلة لنهاية (الديمقراطية )! حيث بدأت الانظمة الرأسمالية تعتمد على (الرث من الشخصيات )
ليتصدروا المشهد السياسي لادارة الدول بالعالم مستغلين تنظيم المجتمعات الفقيرة
من سكنة الاحياء المزدحمة بعد اشاعة الجهل بينهم والمخدرات والسرقة والمثيلية وغيرها
ليكونوا وسيلة في ملء صندوق الاقتراع باسمائهم لانتخاب شخصيات هزيلة .
ولكي لاتشارك (الفئة المثقة ) سواء بالترشيح للسلطة او الانتخاب ،يتم حصارهم بالاعلام والفوضى واقناعهم بان لافائدة من المشاركة لان الوجوه سوف تتكرر وهي وجوه فاسدة وفاشلة وليس من الصلاح انتخابهم .
ان مجرد نظرة الى قادة دول العالم (الان)سوف تجد ان عددا ليس بالقليل من الشخصيات -اليمينية- تقود دولا بعينها
فمثلا ؛-هل يليق باميركا ان يحكمها شخص افنى حياته بشركات القمار ؟ وشخصية ترامب
نموذجا !وكذلك شخصية جونسن في بريطانيا وهو يعمد الى نثر شعره وصبغه باللون الاصفر والتحرك بما لايليق بالقادة ومثل ذلك (زيلنسكي) وغيرهم !
فمثلا كان المرء يتمنى ان يلتقي بهذا القائد او ذاك ويسجلها في مذكرات حياته ،وحتى يحفظ الحوار عن ظهر قلب فيما الان ماذا يعني لك ان تلتقي بهذا الرئيس او الملك او الامير ؟ ربما تترفع من اللقاء به .
هذا الامر يتمدد على بقية المسؤولين بالدولة
لان(الرث)او كما اسماها الفيلسوف الكندي
(آلان دونو) ب(لتفاهة) يختار من يشبهه،لذا بات ليس من العجب ان تسمع جملة او ترى تصرفا غير لائق من مسؤول ! او انك تجد ملكا او رجل دين يخطأ في قراءة نص مكتوب او اية او حديث نبوي او اسم مدينة وربما لايحسن المراسيم في السير او الجلوس وغيرها .
في العصر العباسي الثاني اصبح الخلفاء العوبة بيد (الغلمان ) الذين تسلموا السلطة فباتوا هم يختارون احد ابناء الخليفة ليكون وريث والده او اخيه وتكون احد صفاته (البلاهة) وسوء التدبير حتى يبقى تحت امرتهم .
يقول الفيلسوف الكندي (الان دونو) في كتابه
“نظام التفاهة”إن (التفاهة قد بسطت سلطانها على كافة أرجاء العالم. فالتافهون قد أمسكوا بمفاصل السلطة، ووضعوا أيديهم على مواقع القرار، وصار لهم القول الفصلُ والكلمة الأخيرة في كل ما يتعلق بالخاص والعام) وهذا الامر يؤكده الفيلسوف واقع في البلدان المتقدمة مثل امريكا الشمالية وكندا ودول الغرب .
ليس غريبا ان نقرأ ان واحدة من اسباب فوز المرشح الفلاني لانه لايؤمن بالمثيلية .
ان الان دونو يعتقد ان بداية المشروع في اشاعة الرثاثة والجهل بدأ من المؤسسات الاكاديمية والاعلامية حيث يرى ان هذه المؤسسات باتت تخرج اميين باختصاصاتهم لانها وقعت بايدي الفاشلين وعن عمد .
بعد عشرين عاما او اكثر بقليل سنجد ان العالم باكمله يديره الفاشلون ،ونجد انفسنا محصورين في زاوية ننتظر فيها قدرا يأتي ويحذفنا من معادلة الحياة .
المشكلة الاكبر ان تألف الشعوب بعد ذلك مشهد الفاشلين وهم على رأس السلطة وبذا
يصعب التغيير .!
علينا ان نتفهم من اليوم لماذا تحكمنا الفئة الجاهلة ..اما لماذا يحكمنا الجهلة والفاشلون فيقول دونو (ا وقد ساد نظام التفاهة، وسيطر على كافة البلاد، وجعل سيفه مصلتا فوق رقاب العباد بواسطة ترساناته العسكرية والحربية وقواه الناعمة من أكاديمية ومال وإعلام، وسيطر على كافة موارد الأرض، بحيث تمكن الفساد من ناصية منظومة الحكم العالمية، وأضحت العودة إلى الوراء شبه متعذرة؛ نظرا لاستفحال أمر هذه المنظومة، أما وقد كان من أمر “نظام التفاهة” العالمي ما كان، فما العمل؟ هل ستستمر الأمم والشعوب بالقبول الذليل والسلبي بهذه المنظومة، التي تأخذ الجماهير العالمية إلى حتفها؟.)
اما من وراء اشاعة الجهل وريادة الفاشلين فيقول : إن كل ما يحصل هو خدمة للسوق ولعالم يتحكم به أصحاب المليارات من الممسكين بزمام السلطة. )
لاشك ان مايجري في بلدنا (العراق)يشبه جدا مايجري بالعالم اجمع فالمخطط واحد حين ترى شخصا مثل الرئيس الاميركي بايدن مصاب بالزهايمر وهو ينسى ويخطأ بالاسماء
وترى سعد الحريري يخطأ ثلاث مرات بكلمة وهو يضحك والجمهور يضحك ثم يعاد انتخابه !! ويصعد مسؤول عراقي ويسمي سوق الشيوخ (سوق الشيوش) وقد يعاد انتخابه ، فالعالم يهرول الى الخلف !
المفكرون والفلاسفة وضعوا حلولا لمواجهة هذا الواقع في مقدمتها ان لايصاب المثقفون بالخذلان بل ان يواجهوا هذا التحدي بشجاعة
فالارض يرثها عبادي الصالحون .
امريكا يزعجها وجود قيادات محترمة مازالت تدير شؤون بلدانها وتسعى الى اسقاطهم وابدالهم ب(التافهين) !